الاثنين، 17 يناير 2011

طفلة تحت قطرات المطر !

طفلة تحت قطرات المطر !


في لحظة من دائرة الزمن أغلقت باب الحياة وعصفت بي أمواج الفكر والخيال وربما تكون هي من الحقيقة لا من الخيال ! وتأملت الى فنجان قهوتي والتي كانت تتساقط عليها قطع السكر ! حتى دارت دوامة الفكر في حديث الفنجان ! وقد أغمضت العيون ورشفت من شفتا الشفتان وهمست بصمت لحديث الفنجان ! فكانت حلوة المذاق حتى من حلاوتها ألقت علي من مراوح الحياة بسمة من قطرات المطر ! فكانت راحة النفس من تعب الزمان ! واسترخيت وتمددت على أوراق دفاتري ووضعت فنجان قهوتي قريبة من زهرة الحناء ! ونظرت بعين وتأملت بذهن لتلك الغيوم السابحة ! وكانت تخفى ورائها بسمة من بريق الأنوار ! حتى طافت روح النفس ورفعت راية الاستسلام وطأطأت الرأس معلنا الهزيمة في معركة الحياة ! وبدأت أقلب الفكر وأنامل في صفحات الأوراق ! لأنسج البداية في خيوط النهاية لتكون مرتبة ومتواترة ! فانهمكت عاكفا على قلمي وأعيتني رواية فكري !! وبدأت بالتوجس والخوف من أرواق دفاتري ! وكأن بيننا سجال في حرب ضروس بين كر وفر ! حتى وصلت أخيرا الى نهاية المعركة والتي شفت من من المعاني للروح بنجم اشراقاته القلم فكنت والقلم مع القمر في ضيافته ! ورميت الأقلام على أوراق دفاتري حتى بدأت بالهذيان في حديث الوجدان ! فتقاطرت قطرات المطر تضرب أناملي وتدق معصمي وكأنها تقول : لي دع عنك الكتابة التأمل بأريج القطرات ! حتى بدأت زخات المطر تتوالي بالكلمات والحروف وتكتب على الأوراق حروف النفس بقطرات المطر ! .



عذرا من رجفات القلم ووقفا بين بساتين الكلم ! في حديث العشاق ! بدأت بلحظة الصمت والتأمل الى الأوراق وهي تتمايل وتداعب ببسمة ضاحكة قطرات المطر ! وقد مدت الأقلام الأكفان ورمت بدمع الأحبار على أرواق البيان ! فكأنه النيروز مغرد فوق الأغصان ! وجر القلم ردائه وأوثق بالحرف والوجدان ! وأشعلت شموع كلمات الفكر تسابق الندى وقطرات المطر من حروف تلك العينان ! ها هي رسالة الديباجة اكتملت بأريحية النقصان ! وتناقصت في شجون الكمال ! ورأيت قطرات المطر تصب في مكان الشوق والحب ! فأشرقت بين قطرات المطر طفلة أحلى من عذب الزهر وأجمل من ضياء القمر ! أشرقت في حضورها والصمت حديث كلماتها ! بلغة من رواية الأدباء ! وتمايلت الأطراف بخصر من رقائق اللمسات الساحرة ! تسير بروية وهدوء يطرب لها حديث العشاق ! ويا لخطوتها العذبة وهي تداوي الأرض من الذنوب ! وبدت تكشف السحر والحسن المحجوب ! قدح من ماء الورد المصفى في جلسة المساء من شفتا المحبوب ! هنا صاح قلمي صارخا يا للروعة والجمال ! فتخالط الحرف والحبر والقلم ومزجت ألوانه بقطرات المطر ! ولم أعلم ما كتبت من الوصف بالقلم ! تسير حافية القدمين وتسمع قطرات المطر تدق على الأرض تقبل قدميها ! ومزجت لون الأرض بالقدمين فكانت كنبت الزعفران صبغت به الماء ! وتبللت وتجملت وتزينت وفاح عطر طفلة تحت قطرات المطر ! .



صغت حروف الفكر والكلمات وتكللت العيون بالنظرات وهمت أنا ما بين طفلة وتلك القطرات ! والقلم جامد الحروف يكتب وصف المألوف ! يصرخ بأبجدياته أيها الناس قد علمنا منطق الحوار والروح والأدب ! ونظرنا الى نواحي الأيام والفلسفة والخطب ! أما هنا فان حروف الكلمات من شفتا السحب والأحبار نثرت من قطرات المطر ! والسطور دفاتر من أوراق الزهر ! حديث بفلسفة طفلة بين قطرات المطر ! لها العيون اشبه بخطوط الليل في ظلمته ! والفم رسم من شمس الغروب بروعته ! والوجه قمري زاهي الأنوار في طلعته ! والقوام تزهو به الأحلام وتطرب له الأنام وتشرق من فارعة لتلك الأيام ! وكم للشعر حديث مع قطرات المطر وهو يسير متمايل يتغنى بعزف أوتاره على الأرض متساقط من الشعر بروية وشوق وحذر ! .
هل للأيام والأعوام بكاء ودموع ؟ ! أضن الماضي كذلك الآن فقد أغرق أكتافي من دمعه الرقراق حين ذهب مودعا للفراق وأسرف طربا بحديث الأشواق عن تلك الطفلة زاهية الأوراق ! وتحت عباءة الحياة تأملت الشفتان الناعمة والعيون الناعسة ! ولا مست أطراف الأنامل والعيون بحديث الشقاوة والمرح ! حتى ارتحلت السحب سائرة وهي تحسبها جامدة وهي تطوف وتمر مرور الأحلام بغناء وعزف أوتار قطرات المطر ولمسات الأوزان بحديث القمر ! ان الجود ميال والخدود جمال والعيون ترحال وطفلتي آية من آيات الجمال ! جفت على باب الأحلام أشرعتي وندت بقطرات الدمع آهاتي ! هنا لمست فنجان قهوتي ولم تكن عيناي ناظرة للفنجان بل متأمل لأريج عطر الريحان ولتلك الطفلة التي تغنى لها البيان ! وما أن لامست فنجان القهوة سكبت عذب السكر من شفتيها ! وأغرقت السكر وزادت من السكر ومال بي الحال حتى تلذذت من شفتيها بقطع السكر ! طفلة رائعة شقية عذبة تحت قطرات المطر ! كم هي عاشقة المطر وكم هي تحب سكرات النفس مغمضة العينان تنظر الى جوارح النفس في صمت الكلمات ! وترى من الحسن كيف قطرات المطر تقبل شفتيها تارة وتئن من تقبيل الوجنتان تارة أخرى ! كم أحسد القطرات وكم أشتاق لتلك العبرات التي تساقطت بحروف البسمات ! .



ويح النفس ثم الويل لها ! لا عذر من الناس وكيف يعذر من ليس له احساس ؟ ! من يعرف حديث الحب والوصل بأدب من ؟ ! ومن يعرف اشراق النهار بالشوق من ؟ ! بكاء الدمع يصرخ مهلا أيها : العاشقون فلا تعذلوني في الحب والعشق ! تلك طفلة من الشهد وقطرات من السكر ذابت في فنجان قهوتي وتلذذت بحلاوة من شفتي ! فأنا بين قطرات المطر كنت القلادة في الجيد يحرس نحرها ! وأنا وان كذب أو جهل الناس من أكون ومن أنا ! فأنا عاشق ومحب ومفتون وفاتن وحالم أنا ! أنا من جفت صحائف الكلمات بشوق الحب أنا ! وأنا خاتم الألماس من جواهر الاحساس أنا ! وأنا السحاب الأحمر وحديث القمر أنا ! وان كان أكثر ابن زيدون وأغدق بالشعر والعشق والحب لولادة ! وهام الأموي في وصف طريب جارية الحسن ميادة ! وان تسامر السمار بين الهبات والأعطيات من السادة ! وان بكت عيون العشق على تلك الوسادة ! فاذا أنا ايها السادة : من عشق طفلة فوق وصف ولادة ! وهام بالشعر فأبحر برواية الألياذة ! وأنا من أعلن ميلاد الخلافة ! هل علم الناس أن الملك تاج وسرير وجنود وأنه كما قيل خزائن وأموال وبنود ! أيها لناس ان الامارة حضارة ! والقضاء عفة وأمانة ! والقيادة شجاعة وريادة! والحب نظرة وبسمة وروح لقاء وصدق وعفة وغناء وجمال وحديث مساء وأشواق وعبرات ودموع ورثاء كتبت في صحائف الحب والقطرات لعاشقة المطر ! .



هل يا ترى أن عذبة قطرات المطر ؟ ! ذابت في حروف تلك الطفلة ! فكم وددت لو ان الرافعي في بيانه حضر ! وكم أحببت أن يلامس البيان والتبين للجاحظ بروية ونظر ! أيا ترى ماذا كان حديث الرافعي لو أنه أطلع على هذا القمر ! أويا ترى ماذا يقول الجاحظ في بيان معسولة الزهر ! هل تراه يعرف العنوان ويعي أخبار طفلة تحت قطرات المطر ؟ ! فعذرا أيها الأدباء ويا أسفا أيها الجهلاء وصفحا منكم أيها الحكماء ! سوف أكنز الفضة والذهب والجواهر والدرر ! وأبحث عن صندوق الحياة لأرمي بجواهر المرجان والسرر ! وأنقش لطفلتي ألف رواية ورواية وألف مقطوعة وحكاية لأحكي قصة البداية وأكتب تفاصيل النهاية على ألواح قطرات المطر ! لم يحوي المكان وفنجان قهوتي مشاعر الحسن والشوق والحب المسجون في فمي ! فوقفت وتأملت وتبللت من قطرات المطر ! وأمسكت أنامل يديها وقبلت الحسن والجمال في بكفيها ! جوهرتي وماستي وطفلتي أن اللسان يعجز عن وصف الحب والعشق لك ! فها أنا أزم زم زم وأجمع المغنم من جواهر الحسن ومن قطرات شعرك المبلل ! وها أنا أرتوي من روح الفؤاد بقوامك المدلل ! وأصرخ لك بالحب صرخات الزير مهلهل ! فاعذري تلعثم اللسان وهفوة البيان وقلة الحيلة في هذا الزمان ! عذرا سيدتي وطفلتي منك ان كان قل الوصف وذاب الحرف وساد الخوف ! هذا بيان وحديث فنجان رسمت من طفلة تحت قطرات المطر ! .



والحمد لله رب العالمين

الحكيم الأندلسي

هناك تعليق واحد: