نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ
قيل أن طالب علم صحب أحد العلماء مدة طويلة ... وفى أحد الأيام سأل العالم طالب العلم ماذا تعلمت منى خلال هذه السنوات ؟.
فقال له ياشيخى تعلمت منك ثمانية مسائل ... فتعجب منه !!وقال لا حول ولا قوة إلا بالله أمضيت عمرك معى فلم تتعلم منى غير ثمان مسائل ... فقال نعم ولست أكذبك القول ياشيخ ... فقال له اذا فما هى المسائل اللتى تعلمتها فقال:
الأولى: اني نظرت إلي الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا فإذا ذهب إلى القبر فارقه محبوبه ... فجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخلت معي .
الثانية: اني نظرت إلى قول الله تعالي : "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى " فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله .
الثالثة :أني نظرت إلي هذا الخلق فرأيت أن كل من معه شيء له قيمة حفظه حتي لا يضيع ثم نظرت إلى قول الله تعالي: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ' فكلما وقع في يدي شيء ذو قيمة وجهته لله ليحفظه عنده .
الرابعة: أني نظرت إلى الخلق فرأيت كل واحد يتباهي بماله أو حسبه أو نسبه، ثم نظرت إلى قول الله تعالي: ' إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ' فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريما .
الخامسة: أني نظرت في الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض ويلعن بعضهم بعضا، وأصل هذا كله الحسد ، ثم نظرت إلى قول الله عز وجل: ' أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ 'فتركت الحسد واجتنبت الناس وعلمت ان القسمة من عند الله فتركت الحسد عني .
السادسة :أني نظرت إلى الخلق يعادي بعضهم بعضا ويبغي بعضهم علي بعض ويقاتل بعضهم بعضا ونظرت إلى قول الله تعالي: ' إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا 'فتركت عداوة الخلق وتفرغت لعداوة الشيطان وحده.
السابعة: أني نظرت إلى الخلق فرأيت كل واحد منهم يكابد نفسه ويذلها في طلب الرزق حتى انه قد يدخل فيما لا يحل له، ونظرت إلى قول الله عز وجل: ' وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ' فعلمت أني واحد من هذه الدواب فاشتغلت بما لله علي وتركت ما لي عنده .
الثامنة :أني نظرت إلى الخلق فرأيت كل مخلوق منهم متوكل على مخلوق مثله ، هذا على ماله وهذا على ضيعته وهذا على صحته وهذا على مركزه ونظرت إلى قول الله تعالي ' وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ' فتركت التوكل على الخلق واجتهدت في التوكل على الله .
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق